ذكر هذه الخطبة العظيمة السيد العظيم ابن طاووس في كتاب الإقبال, وهي خطبة زاخرة بالكثير من التوجيهات الإلهية العظيمة التي ينبغي للمؤمنين أن يلتفتوا إليها في هذا اليوم العظيم.
فصل فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند أهل العقول من طريق المنقول فمن ذلك ما أخبرني به الشيخ العالم حسين بن أحمد السوراوي و الشيخ الأوحد الملقب عماد الدين أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما المقدم ذكره عن الشيخ السعيد المجيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه قال أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب في شهر رمضان سنة سبع و ثلاثين و ثلاث مائة قال حدثنا سعيد بن هارون أبو عمرو المروزي و قد زاد على الثمانين سنة قال حدثنا الفياض بن محمد بن عمر الطرسوسي [الطوسي] بطوس سنة تسع و خمسين و مائتين و قد بلغ التسعين أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع في يوم الغدير و بحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للإفطار و قد قدم إلى منازلهم الطعام و البر و الصلات و الكسوة حتى الخواتيم و النعال و قد غير أحوالهم و أحوال حاشيته و جددت له الآلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه و هو يذكر فضل اليوم و قدمه فكان من قوله ع حدثني الهادي أبي قال حدثني جدي الصادق قال حدثني الباقر قال حدثني سيد العابدين قال حدثني أبي الحسين قال اتفق في بعض سني أمير المؤمنين ع الجمعة و الغدير فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم فحمد الله حمدا لا نسمع [لم يسمع] بمثله و أثنى عليه بما لا يتوجه إلى غيره فكان ما حفظ من ذلك الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته و صمدانيته و فردانيته و سببا إلى المزيد من رحمته و محجة للطالب من فضله و كمن في إبطان حقيقة الاعتراف له بأنه المنعم على كل حمد باللفظ و إن عظم و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نزعت عن إخلاص الطوى و نطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ليس كمثله شي ء إذ كان [إذا كان] الشي ء من مشيته و كان لا يشبهه مكونه و أشهد أن محمدا عبده و رسوله استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه بأنه انفرد عن التشاكل و التماثل من أبناء الجنس و انتجبه آمرا و ناهيا عنه أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الأبصار و لا تحويه خواطر الأفكار و لا تمثله غوامض الظنون في الأسرار لا إله إلا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته و اختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته فهو أهل ذلك بخاصته و خلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير و لا يخالل من يلحقه التظنين و أمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته و طريقا للداعي إلى إجابته فصلى الله عليه و كرم و شرف و عظم مزيدا لا تلحقه التفنية و لا ينقطع على التأبيد و أن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه ص بريته خاصة علاهم بتعليته و سمى [سار] بهم إلى رتبته و جعلهم الدعاة بالحق إليه و الأداء بالإرشاد عليه لقرن قرن و زمن زمن أنشأهم في القدم على [قبل] كل مذرو و مبرو أنوارا أنطقها بتحميده و ألهمها على شكره و تمجيده و جعلها الحجج على كل معترف له بملكوت الربوبية و سلطان العبودية و استنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الأرضين و السماوات و استشهدهم خلقه و ولاهم ما شاء من أمره جعلهم تراجم مشيته و ألسن إرادته عبيدا لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و هم من خشيته مشفقون يحكمون بأحكامه و يستنون بسنته و يعتمدون حدوده و يؤدون فرضه و لم يدع الخلق في بهم صما و لا في عمى بكما بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم و تفرقت في هياكلهم حققها في نفوسهم و استعد لها حواسهم فقرر بها على أسماع و نواظر و أفكار و خواطر ألزمهم بها حجته و أراهم بها محجته و أنطقهم عما شهدته بألسن ذربة بما قام فيها من قدرته و حكمته و بين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و إن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير و إن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل لكم عندكم جميل صنعه و يقفكم على طريق رشده و يقفوا بكم آثار المستضيئين بنور هدايته و يسلك بكم منهاج قصده و يوفر عليكم هني ء رفده فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله و غسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله و ذكرى للمؤمنين و تبيان خشية المتقين و وهب لأهل طاعته في الأيام قبله و جعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به و الانتهاء عما نهى عنه و البخوع بطاعته فيما حث عليه و ندب إليه و لا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه ص بنبوته و لا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته و لا ينتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه و عصم أهل ولايته فأنزل على نبيه ص في يوم الدوح ما بين فيه عن إرادته في خلصائه و ذوي اجتبائه و أمره بالبلاغ و ترك الحفل بأهل الزيغ و النفاق و ضمن له عصمته منهم و كشف عن [من] خبايا أهل الريب و ضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه فعقله المؤمن و المنافق فأعن معن و ثبت على الحق ثابت و ازدادت جهالة المنافق و حمية المارق و وقع العض على النواجذ و الغمز على السواعد و نطق ناطق و نعق ناعق و نشق ناشق و استمر على مارقته مارق و وقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الإيمان و من طائفة باللسان و صدق الإيمان و أكمل الله دينه و أقر عين نبيه و المؤمنين و المتابعين و كان ما قد شهده بعضكم و بلغ بعضكم و تمت كلمة الله الحسنى على الصابرين و دمر الله ما صنع فرعون و هامان و قارون و جنوده و ما كانوا يعرشون و تفتت [بقيت] حثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا فيقصدهم الله في ديارهم و يمحو آثارهم و يبيد معالمهم و يعقبهم عن قرب الحسرات و يلحفهم عن بسط أكفهم و مد أعناقهم و مكنهم من دين الله حتى بدلوه و من حكمه حتى غيروه و سيأتي نصر الله على عدوه لحينه و الله لطيف خبير و في دون ما سمعتم كفاية و بلاغ فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه و حثكم عليه و اقصدوا شرعه و اسلكوا نهجه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج و رفعت الدرج و ضحت الحجج و هو يوم الإيضاح و الإفصاح عن المقام الصراح و يوم كمال الدين و يوم العهد المعهود و يوم الشاهد و المشهود و يوم تبيان العقود عن النفاق و الجحود و يوم البيان عن حقائق الإيمان و يوم دحر الشيطان و يوم البرهان هذا يوم الفصل الذي كنتم به توعدون هذا يوم الملإ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون هذا يوم الإرشاد و يوم محنة على العباد و يوم الدليل على الرواد هذا يوم إبداء خفايا الصدور و مضمرات الأمور هذا يوم النصوص على أهل الخصوص هذا يوم شيث هذا يوم إدريس هذا يوم يوشع هذا يوم شمعون هذا يوم الأمن المأمون هذا يوم إظهار المصون من المكنون هذا يوم إبلاء السرائر فلم يزل ع يقول هذا يوم هذا يوم فراقبوا الله و اتقوه و اسمعوا له و أطيعوه و احذروا المكر و لا تخادعوه فتشوا ضمائركم و لا تواربوه و تقربوا إلى الله بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه و لا تمسكوا بعصم الكوافر و لا يجنح بكم الغي فتظلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا و أضلوا قال الله تعالى عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً و قال الله تعالى وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ أ فتدرون استكبار ما هو ترك الطاعة لمن أمر الله بطاعته و الترفع عمن ندبوا إلى متابعته و القرآن ينطق من هذا عن كثير إن تدبره متدبر زجره و وعظه و اعلموا أيها المؤمنون إن الله عز و جل قال إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ أ تدرون ما سبيل الله و من سبيله و من صراط الله و من طريقه أنا صراط الله الذي من لم [لا] يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار أنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه ص أنا قسيم النار أنا حجة الله على الفجار أنا نور الأنوار فانتبهوا من رقدة الغفلة و بادروا بالعمل قبل حلول الأجل و سابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة و ظاهر العذاب فتنادون فلا يسمع نداؤكم و تضجون فلا يحفل بضجيجكم و قبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا سارعوا إلى الطاعات قبل فوات الأوقات فكان قد جاء هادم اللذات فلا مناص نجاة و لا محيص تخليص عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم و البر بإخوانكم و الشكر لله عز و جل على ما منحكم و أجمعوا يجمع الله شملكم و تباروا يصل الله ألفتكم و تهانوا نعمة الله كما هنأكم بالصواب فيه على أضعاف الأعياد قبله و بعده إلا في مثله و البر فيه يثمر المال و يزيد في العمر و التعاطف فيه يقتضي رحمة الله و عطفه و هبوا لإخوانكم و عيالكم عن فضله بالجهد من جودكم و بما تناله القدرة من استطاعتكم و أظهروا البشرى فيما بينكم و السرور في ملاقاتكم و الحمد لله [و احمدوا الله] على ما منحكم و عودوا بالمزيد على أهل التأميل لكم و ساووا بكم ضعفاءكم و من ملككم و ما تناله القدرة من استطاعتكم و على حسب إمكانكم فالدرهم فيه بمائتي ألف درهم و المزيد من الله عز و جل و صوم هذا اليوم مما ندب الله إليه و جعل العظيم كفالة عنه حتى لو تعبد له عبد من العبيد في التشبيه من ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها قائما ليلها إذ أخلص المخلص في صومه لقصرت أيام الدنيا من [عن] كفاية [كفايته] و من أضعف فيه أخاه مبتدئا و بره راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم و قام ليله و من فطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فئاما و فئاما يعدها بيده عشرة فنهض ناهض فقال يا أمير المؤمنين و ما الفئام قال مأتي ألف نبي و صديق و شهيد فكيف بمن يكفل عددا من المؤمنين و المؤمنات فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر و الفقر و إن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله و من استدان لإخوانه و أعانهم فأنا الضامن على الله إن أبقاه و إن قبضه حمله عنه و إذا تلاقيتم فتصافحوا بألسنتكم و تهانوا بالنعمة في هذا اليوم و ليبلغ الحاضر الغائب و الشاهد البائن و ليعد الغني على الفقير و القوي على الضعيف أمرني رسول الله ص بذلك ثم أخذ ص في خطبته الجمعة و جعل صلاته جمعة صلاة عيد و انصرف بولده و شيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي ع بما أعد له من طعامه و انصرف غنيهم و فقيرهم برفده إلى عياله.
فصل فيما نذكره من فضل عيد الغدير عند أهل العقول من طريق المنقول فمن ذلك ما أخبرني به الشيخ العالم حسين بن أحمد السوراوي و الشيخ الأوحد الملقب عماد الدين أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما المقدم ذكره عن الشيخ السعيد المجيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه قال أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب في شهر رمضان سنة سبع و ثلاثين و ثلاث مائة قال حدثنا سعيد بن هارون أبو عمرو المروزي و قد زاد على الثمانين سنة قال حدثنا الفياض بن محمد بن عمر الطرسوسي [الطوسي] بطوس سنة تسع و خمسين و مائتين و قد بلغ التسعين أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع في يوم الغدير و بحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للإفطار و قد قدم إلى منازلهم الطعام و البر و الصلات و الكسوة حتى الخواتيم و النعال و قد غير أحوالهم و أحوال حاشيته و جددت له الآلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه و هو يذكر فضل اليوم و قدمه فكان من قوله ع حدثني الهادي أبي قال حدثني جدي الصادق قال حدثني الباقر قال حدثني سيد العابدين قال حدثني أبي الحسين قال اتفق في بعض سني أمير المؤمنين ع الجمعة و الغدير فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم فحمد الله حمدا لا نسمع [لم يسمع] بمثله و أثنى عليه بما لا يتوجه إلى غيره فكان ما حفظ من ذلك الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته و صمدانيته و فردانيته و سببا إلى المزيد من رحمته و محجة للطالب من فضله و كمن في إبطان حقيقة الاعتراف له بأنه المنعم على كل حمد باللفظ و إن عظم و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نزعت عن إخلاص الطوى و نطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ليس كمثله شي ء إذ كان [إذا كان] الشي ء من مشيته و كان لا يشبهه مكونه و أشهد أن محمدا عبده و رسوله استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه بأنه انفرد عن التشاكل و التماثل من أبناء الجنس و انتجبه آمرا و ناهيا عنه أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الأبصار و لا تحويه خواطر الأفكار و لا تمثله غوامض الظنون في الأسرار لا إله إلا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته و اختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته فهو أهل ذلك بخاصته و خلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير و لا يخالل من يلحقه التظنين و أمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته و طريقا للداعي إلى إجابته فصلى الله عليه و كرم و شرف و عظم مزيدا لا تلحقه التفنية و لا ينقطع على التأبيد و أن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه ص بريته خاصة علاهم بتعليته و سمى [سار] بهم إلى رتبته و جعلهم الدعاة بالحق إليه و الأداء بالإرشاد عليه لقرن قرن و زمن زمن أنشأهم في القدم على [قبل] كل مذرو و مبرو أنوارا أنطقها بتحميده و ألهمها على شكره و تمجيده و جعلها الحجج على كل معترف له بملكوت الربوبية و سلطان العبودية و استنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الأرضين و السماوات و استشهدهم خلقه و ولاهم ما شاء من أمره جعلهم تراجم مشيته و ألسن إرادته عبيدا لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و هم من خشيته مشفقون يحكمون بأحكامه و يستنون بسنته و يعتمدون حدوده و يؤدون فرضه و لم يدع الخلق في بهم صما و لا في عمى بكما بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم و تفرقت في هياكلهم حققها في نفوسهم و استعد لها حواسهم فقرر بها على أسماع و نواظر و أفكار و خواطر ألزمهم بها حجته و أراهم بها محجته و أنطقهم عما شهدته بألسن ذربة بما قام فيها من قدرته و حكمته و بين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و إن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير و إن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل لكم عندكم جميل صنعه و يقفكم على طريق رشده و يقفوا بكم آثار المستضيئين بنور هدايته و يسلك بكم منهاج قصده و يوفر عليكم هني ء رفده فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله و غسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله و ذكرى للمؤمنين و تبيان خشية المتقين و وهب لأهل طاعته في الأيام قبله و جعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به و الانتهاء عما نهى عنه و البخوع بطاعته فيما حث عليه و ندب إليه و لا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه ص بنبوته و لا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته و لا ينتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه و عصم أهل ولايته فأنزل على نبيه ص في يوم الدوح ما بين فيه عن إرادته في خلصائه و ذوي اجتبائه و أمره بالبلاغ و ترك الحفل بأهل الزيغ و النفاق و ضمن له عصمته منهم و كشف عن [من] خبايا أهل الريب و ضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه فعقله المؤمن و المنافق فأعن معن و ثبت على الحق ثابت و ازدادت جهالة المنافق و حمية المارق و وقع العض على النواجذ و الغمز على السواعد و نطق ناطق و نعق ناعق و نشق ناشق و استمر على مارقته مارق و وقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الإيمان و من طائفة باللسان و صدق الإيمان و أكمل الله دينه و أقر عين نبيه و المؤمنين و المتابعين و كان ما قد شهده بعضكم و بلغ بعضكم و تمت كلمة الله الحسنى على الصابرين و دمر الله ما صنع فرعون و هامان و قارون و جنوده و ما كانوا يعرشون و تفتت [بقيت] حثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا فيقصدهم الله في ديارهم و يمحو آثارهم و يبيد معالمهم و يعقبهم عن قرب الحسرات و يلحفهم عن بسط أكفهم و مد أعناقهم و مكنهم من دين الله حتى بدلوه و من حكمه حتى غيروه و سيأتي نصر الله على عدوه لحينه و الله لطيف خبير و في دون ما سمعتم كفاية و بلاغ فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه و حثكم عليه و اقصدوا شرعه و اسلكوا نهجه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج و رفعت الدرج و ضحت الحجج و هو يوم الإيضاح و الإفصاح عن المقام الصراح و يوم كمال الدين و يوم العهد المعهود و يوم الشاهد و المشهود و يوم تبيان العقود عن النفاق و الجحود و يوم البيان عن حقائق الإيمان و يوم دحر الشيطان و يوم البرهان هذا يوم الفصل الذي كنتم به توعدون هذا يوم الملإ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون هذا يوم الإرشاد و يوم محنة على العباد و يوم الدليل على الرواد هذا يوم إبداء خفايا الصدور و مضمرات الأمور هذا يوم النصوص على أهل الخصوص هذا يوم شيث هذا يوم إدريس هذا يوم يوشع هذا يوم شمعون هذا يوم الأمن المأمون هذا يوم إظهار المصون من المكنون هذا يوم إبلاء السرائر فلم يزل ع يقول هذا يوم هذا يوم فراقبوا الله و اتقوه و اسمعوا له و أطيعوه و احذروا المكر و لا تخادعوه فتشوا ضمائركم و لا تواربوه و تقربوا إلى الله بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه و لا تمسكوا بعصم الكوافر و لا يجنح بكم الغي فتظلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا و أضلوا قال الله تعالى عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً و قال الله تعالى وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ أ فتدرون استكبار ما هو ترك الطاعة لمن أمر الله بطاعته و الترفع عمن ندبوا إلى متابعته و القرآن ينطق من هذا عن كثير إن تدبره متدبر زجره و وعظه و اعلموا أيها المؤمنون إن الله عز و جل قال إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ أ تدرون ما سبيل الله و من سبيله و من صراط الله و من طريقه أنا صراط الله الذي من لم [لا] يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار أنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه ص أنا قسيم النار أنا حجة الله على الفجار أنا نور الأنوار فانتبهوا من رقدة الغفلة و بادروا بالعمل قبل حلول الأجل و سابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة و ظاهر العذاب فتنادون فلا يسمع نداؤكم و تضجون فلا يحفل بضجيجكم و قبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا سارعوا إلى الطاعات قبل فوات الأوقات فكان قد جاء هادم اللذات فلا مناص نجاة و لا محيص تخليص عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم و البر بإخوانكم و الشكر لله عز و جل على ما منحكم و أجمعوا يجمع الله شملكم و تباروا يصل الله ألفتكم و تهانوا نعمة الله كما هنأكم بالصواب فيه على أضعاف الأعياد قبله و بعده إلا في مثله و البر فيه يثمر المال و يزيد في العمر و التعاطف فيه يقتضي رحمة الله و عطفه و هبوا لإخوانكم و عيالكم عن فضله بالجهد من جودكم و بما تناله القدرة من استطاعتكم و أظهروا البشرى فيما بينكم و السرور في ملاقاتكم و الحمد لله [و احمدوا الله] على ما منحكم و عودوا بالمزيد على أهل التأميل لكم و ساووا بكم ضعفاءكم و من ملككم و ما تناله القدرة من استطاعتكم و على حسب إمكانكم فالدرهم فيه بمائتي ألف درهم و المزيد من الله عز و جل و صوم هذا اليوم مما ندب الله إليه و جعل العظيم كفالة عنه حتى لو تعبد له عبد من العبيد في التشبيه من ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها قائما ليلها إذ أخلص المخلص في صومه لقصرت أيام الدنيا من [عن] كفاية [كفايته] و من أضعف فيه أخاه مبتدئا و بره راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم و قام ليله و من فطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فئاما و فئاما يعدها بيده عشرة فنهض ناهض فقال يا أمير المؤمنين و ما الفئام قال مأتي ألف نبي و صديق و شهيد فكيف بمن يكفل عددا من المؤمنين و المؤمنات فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر و الفقر و إن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله و من استدان لإخوانه و أعانهم فأنا الضامن على الله إن أبقاه و إن قبضه حمله عنه و إذا تلاقيتم فتصافحوا بألسنتكم و تهانوا بالنعمة في هذا اليوم و ليبلغ الحاضر الغائب و الشاهد البائن و ليعد الغني على الفقير و القوي على الضعيف أمرني رسول الله ص بذلك ثم أخذ ص في خطبته الجمعة و جعل صلاته جمعة صلاة عيد و انصرف بولده و شيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي ع بما أعد له من طعامه و انصرف غنيهم و فقيرهم برفده إلى عياله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق