قال الله تعالى في سورة الأنعام :
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
{ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }
هذه من الآيات الشريفة التي ينبغي للإنسان المؤمن الوقوف عند معانيها العظيمة.
تشير الآية الأولى إلى درجة عالية من تبلد الحس والشعور لدى هؤلاء الأقوام.
في الحالة الأولى ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بمحن و شدائد, ومصائب, وكان من المتوقع أن توقظهم تلك المحن التي أحاطت بهم من غفلتهم عن الله, ولكنهم لم يستفيدوا من تلك الدروس, فلم يزدادوا إلا بعدا عن الله, وسبب هذا البعد أمران :
الأول : قساوة قلوبهم بسبب عظيم الذنوب التي كانوا يقومون بها, والتي شكل\ت حاجزا أمام الصحوة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى, فتمادي الإنسان في المعاصي و الخطايا يسد أمامه منافذ النجاة.
الثاني : هو أنهم استحسنوا أعمالهم الخاطئة, فرأوها أعمالا حسنة, حيث زين لهم الشيطان صنيعهم, وحسن جرائمهم في أعينهم, فانصاعوا لإعواءات الشيطان, فازداودا بعدا عن خط الرجوع عن الله سبحانه وتعالى.
لكن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده, وقد أوجد لهم وسيلة أخرى, كان بإمكانهم أن يستفيدوا منها, فبعد أن فشلوا في امتحان البلايا والمصائب, أدخلهم في امتحان آخر, وهو أنه سبحانه وتعالى, أغدق عليهم كثيرا من نعمه وعطاياه, وفتح أمامهم أبوابا واسعة من النعم,كما تشير إلى ذلك الآية الأخرى : { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ }, و كان حريا بهما أن يستحضروا عظمة المنعم, ويرجعوا إليه, لكنهم لم يزداودا إلا بعدا عنه, وغرورا بأنفسهم, بسبب اتباعهم لأهوائهم, وتكبرهم و اتباعهم لإغوات الشيطان,
إن قلوبهم المتحجرة لم تستفد من تلك الفرص, ولم يستقيظوا من غفلتهم حيث ازدادوا إعراضا عن الله سبحانه وتعالى, فأتاهم عذاب الله, حيث أن النعم مظهر من مظاهر الاستدارج إلى العذاب.
{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }
قال العلامة في الميزان :
" و الله سبحانه يذكر لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الآية و ما يتلوها إلى تمام أربع آيات سنته في الأمم التي من قبله إذ جاءتهم رسلهم بالبينات: أنه كان يرسل إليهم الرسل فيذكرونهم بتوحيد الله سبحانه و التضرع و إخلاص الإنابة إليه ثم يبتليهم بأنواع الشدة و المحن و يأخذهم بالبأساء و الضراء و لكن بمقدار لا يلجئهم إلى التضرع و لا يضطرهم إلى الابتهال و الاستكانة لعلهم يتضرعون إليه بحسن اختيارهم، و يلين قلوبهم فيعرضوا عن التزيينات الشيطانية و عن الإخلاد إلى الأسباب الظاهرية لكنهم لم يتضرعوا إليه بل أقسى الاشتغال بأعراض الدنيا قلوبهم و زين لهم الشيطان أعمالهم، و أنساهم ذلك ذكر الله.
لما نسوا ذكر الله سبحانه فتح الله عليهم أبواب كل شيء و صب عليهم نعمه المتنوعة صبا حتى إذا فرحوا بما عندهم من النعم و اغتروا و استقلوا بأنفسهم من دون الله أخذهم الله بغتة و من حيث لا يشعرون به فإذا هم آيسون من النجاة شاهدون سقوط ما عندهم من الأسباب فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين.
و هذه السنة سنة الاستدراج و المكر الذي لخصها الله تعالى في قوله: "و الذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون و أملي لهم إن كيدي متين": الأعراف: 183."
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
{ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }
هذه من الآيات الشريفة التي ينبغي للإنسان المؤمن الوقوف عند معانيها العظيمة.
تشير الآية الأولى إلى درجة عالية من تبلد الحس والشعور لدى هؤلاء الأقوام.
في الحالة الأولى ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بمحن و شدائد, ومصائب, وكان من المتوقع أن توقظهم تلك المحن التي أحاطت بهم من غفلتهم عن الله, ولكنهم لم يستفيدوا من تلك الدروس, فلم يزدادوا إلا بعدا عن الله, وسبب هذا البعد أمران :
الأول : قساوة قلوبهم بسبب عظيم الذنوب التي كانوا يقومون بها, والتي شكل\ت حاجزا أمام الصحوة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى, فتمادي الإنسان في المعاصي و الخطايا يسد أمامه منافذ النجاة.
الثاني : هو أنهم استحسنوا أعمالهم الخاطئة, فرأوها أعمالا حسنة, حيث زين لهم الشيطان صنيعهم, وحسن جرائمهم في أعينهم, فانصاعوا لإعواءات الشيطان, فازداودا بعدا عن خط الرجوع عن الله سبحانه وتعالى.
لكن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده, وقد أوجد لهم وسيلة أخرى, كان بإمكانهم أن يستفيدوا منها, فبعد أن فشلوا في امتحان البلايا والمصائب, أدخلهم في امتحان آخر, وهو أنه سبحانه وتعالى, أغدق عليهم كثيرا من نعمه وعطاياه, وفتح أمامهم أبوابا واسعة من النعم,كما تشير إلى ذلك الآية الأخرى : { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ }, و كان حريا بهما أن يستحضروا عظمة المنعم, ويرجعوا إليه, لكنهم لم يزداودا إلا بعدا عنه, وغرورا بأنفسهم, بسبب اتباعهم لأهوائهم, وتكبرهم و اتباعهم لإغوات الشيطان,
إن قلوبهم المتحجرة لم تستفد من تلك الفرص, ولم يستقيظوا من غفلتهم حيث ازدادوا إعراضا عن الله سبحانه وتعالى, فأتاهم عذاب الله, حيث أن النعم مظهر من مظاهر الاستدارج إلى العذاب.
{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }
قال العلامة في الميزان :
" و الله سبحانه يذكر لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الآية و ما يتلوها إلى تمام أربع آيات سنته في الأمم التي من قبله إذ جاءتهم رسلهم بالبينات: أنه كان يرسل إليهم الرسل فيذكرونهم بتوحيد الله سبحانه و التضرع و إخلاص الإنابة إليه ثم يبتليهم بأنواع الشدة و المحن و يأخذهم بالبأساء و الضراء و لكن بمقدار لا يلجئهم إلى التضرع و لا يضطرهم إلى الابتهال و الاستكانة لعلهم يتضرعون إليه بحسن اختيارهم، و يلين قلوبهم فيعرضوا عن التزيينات الشيطانية و عن الإخلاد إلى الأسباب الظاهرية لكنهم لم يتضرعوا إليه بل أقسى الاشتغال بأعراض الدنيا قلوبهم و زين لهم الشيطان أعمالهم، و أنساهم ذلك ذكر الله.
لما نسوا ذكر الله سبحانه فتح الله عليهم أبواب كل شيء و صب عليهم نعمه المتنوعة صبا حتى إذا فرحوا بما عندهم من النعم و اغتروا و استقلوا بأنفسهم من دون الله أخذهم الله بغتة و من حيث لا يشعرون به فإذا هم آيسون من النجاة شاهدون سقوط ما عندهم من الأسباب فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين.
و هذه السنة سنة الاستدراج و المكر الذي لخصها الله تعالى في قوله: "و الذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون و أملي لهم إن كيدي متين": الأعراف: 183."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق